منتدى واحة السودان
مرحبا بكم فى منتدى واحة السودان
السيره الذاتيه لخليل فرح Rsz_be10
واحة السودان للفكر الهادف البناء اساسها الاحترام

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى واحة السودان
مرحبا بكم فى منتدى واحة السودان
السيره الذاتيه لخليل فرح Rsz_be10
واحة السودان للفكر الهادف البناء اساسها الاحترام
منتدى واحة السودان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جميع المقالات و الآراء و الردود المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لـ منتدى واحة السودان بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط .

اذهب الى الأسفل
احمدالصديق
احمدالصديق
عضو برونزى
عضو برونزى
عدد المساهمات : 285
الجنس : ذكر
نقاط : 577
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 10/08/2009
العمر : 45
الموقع : .......
المزاج : .......

السيره الذاتيه لخليل فرح Empty السيره الذاتيه لخليل فرح

الإثنين 14 سبتمبر 2009, 11:22 pm
ولد خليل فرح بقرية دبروسة مركز حلفا وكان عام 1894م نشأ وترعرع فيها وكانت حلفا معبرا لدخول العلماء والمهندسين وجميع المهن المختلفه وكان يقف على مدخلها آنذاك خليل فرح يشاهد بعينى رأسه تلك الحشود الوافدة من المثقفين فنال من كل نبع قطرة وأخذ من الثقافات المختلفة التى كانت بمثابة الخميرة .

هاجر خليل فرح إلى أمدرمان حيث أسرة أبيه فدخل كلية غردون التذكارية قسم البرادة الميكانيكية فوجد صفوة من الطليعة القادمين من الأقاليم الذين التحقوا بالكليات المختلفة فاختلط بهم وتعرف على ثقافاتهم فكانت له إضافات جديدة ثم واصل خليل إطلاعه فى الأدب الجاهلى ووعى إبداعات أدباء مصر أمثال طه حسين – العقاد – حسن أحمد الزيات وقرأ مجلاتهم وصحفهم وحفظ من عيون الشعر العربى الكثير ومما لفت نظره قصيدة عمر بن أبى ربيعه ( أعبدة ما ينسى ) التى لحنها وسجلها مع قصيدة (عزة فى هواك ) فى مصر فى أواخر أيامه بصوته فكان حدثا هام فى ذلك الوقت الذى كانت الأغانى فيه ممجوجة فأدخل اللحن المميز والموسيقى والمقدمة التى نسمعها الآن فى (عزة ) ولا أبالغ لو قلت أنها كانت قليلة فى تلك الفترة فترة الثلاثينيات حتى فى الدول العربية المجاورة.

أشتهر خليل فرح داخل الكلية بعمل الشعر فعلم به شعراء أمدرمان مما حدا بحضور الشاعر محمد على عثمان بدرى إبن عمه وسلطان العاشقين يوسف حسب الله ومعهم المبتدىء (مركز ) ليختبرا خليل فرح فى هذا المجال.

بدأ المبتدىء مركز والحكمان يراقبان الموقف بدأ ببيت شعر فرد عليه خليل فرح ثم كانت الثانية والثالثة والرابعة حتى أقتنع الحكمان فأوقفا المعركة واعترفا له بالشاعرية ومنحاه الشهادة بذلك . ومنذ ذلك الوقت سمى بشاعر الحديقة نسبة للميدان المنجل نمرة واحد الذى يقع فى الجزء الشرقى من الجامعة الى الآن . وصار خليل فرح يواصلهم ويجتمع بهم حتى استفاد منهم الكثير.

توسع خليل فرح فى علاقاته مع الأدباء والشعراء وتمكن من ارتياد المنتديات ، كمنتدى أبر روف ومنتدى الهاشماب ومنتدى الموردة ثم منتدى (دارفور) لتخرج جل أناشيدة وأغانيه الوطنية منها تباعا ، وجاءت من ثم جمعية إتحاد الأدباء التى تكونت لجنتها من دار خليل فرح بالخرطوم . وفى بداية العشرينات اشتد ساعد المناضلين والتحم الشعب بهم وظهرت الأناشيد تغنى فى كل موقع. ثم كانت المظاهرات العنيفة ومن ثم جاءت جمعية اللواء الأبيض بكوادرها المدنية والعسكرية ومؤسسها وصانع إسمها الباشمهندس محى الدين جمال أبو سيف وصحبه.

قامت ثورة 1924 م وخرجت الكلية الحربية بمظاهرة قوية ثم تبعها الثوار بقيادة المناضل الباشمهندس محمد سر الختم الملقب ( بالصائغ ) وهو من اولاد حلفا وهو أول ثائر يدخل السجن . طالبت الجماهير بوحدة وادى النيل وعلى رأسهم خليل فرح الذى تغنى وقال

من تبينا قمـنــا ربينــا ** ما اتفاسلنا قط فى قليل

دا ود عمى ودا ضريب دمى ** إنت شنو طفيلى دخيل

وقد واجه خليل المستعمر والقصيدة طويلة : ((نحن ونحن الشرف البازخ)) وأردفها ماك غلطان دا هوى الأوطان ثم انفرط زمام الأمن وانزعج له المسؤولون فبثوا عيونهم بالجواسيس خلف خليل فرح

عاش خليل فرح فترة وجيزة لا تزيد عن التسع عشرة سنة منذ تخرجه عام 1913 م من الكلية إلى وفاته فى 30/يونيو 1932 م عاش عيشة الكفاف لا يملك فى هذه الدنيا الا شبرا واحدا فقط فى مقابر أحمد شرفى ولكنه وجد الكثير من هذا الشعب الوفى وهو من الأوائل الذين كرموا حينما أقاموا له حفل تأبين بنادى الخريجين والمستعمر قابع بكل قوته وجبروته وعلى رأسهم إسماعيل الأزهرى ، وقد طبع ابن عمه الأستاذ / حسن عثمان بدرى كتيبا جمع فيه كل الكلمات والمقالات والأشعار التى قيلت فى تلك الليلة ، وما زال التكريم مستمرا . وقد جاء تكريم جامعة الخرطوم وطلبة جامعة القاهرة فى عهد الرئيس نميرى كرم بنيشان العلم الذهبى وأيضا مع ثوار 1924 م وقد كرم نفسه بنفسه حين قال

من فتيح للخور للمغالق ** ومن علايل ابروف للمزالق

قدلة يا مولاى حافى حالق ** فى الطريق الشاقى الترام

وهذا يدل دلالة واضحة على حبه لأمدرمان فتغنى بها فى كثير من المواقع الشعرية ، وكان خليل فرح يعشق أماكن منتديات الأدب ولا يتحدث الا نادرا وكان صبورا وهو يعانى من مرض الدرن ولم يكن منزعجا وكان على يقين إن وفاته قريبة جدا وقال عن الجلد وعن الصبر:-

جنّ ليلى وشاب رأسى فما

كلت ركابى وهمتى للصعود

أنا والدهر توأمان كما

أشكو يشكو تجلدى وصمودى



وخرج ديوان لخليل فرح بتحقيق البروفيسور على المك بعد جهد جهيد لعدم وجود مصادر فأخذنا الأشعار من أفواه الشعراء والحادبين لإخراج أدبه للوجود ورغم كل ذلك نحن ما زلنا نحاول جمع ما ضاع للطبعه القادمه ولا بد فى هذه العجاله أن اترحم على البروفيسور على المك والله يسكنه فسيح جناته فلولا مجهوداته لما رأى ديوان خليل فرح النور علما بأنه طبع بعد وفاة الشاعر بكثير ، كما أود أن اوضح هنا الأسباب التىدعتنى لكتابة السيرة الذاتية لخليل فرح وهى شعورى بأن معظم المعجبين يستفسرون عن كيفية نبوغه وبلاغته ومعرفته للفصاحه بهذه المقدرة وهو الآتى من شمال السودان ، من بلاد العجم ويقينى أنهم سوف يدركون المعنى بعد ما عرفوا مراحل حياته حيث دخل كلية غردون ثم اتصاله بشعراء أمدرمان وأدباء المنتديات والكم الهائل من السياسيين المتأدبين أمثال يوسف مصطفى التنى ومحمد أحمد محجوب وكل ذلك إضافة لا ختلاطه بالأدباء والعلماء ومكتشفى الآثار حينما كان متواجدا بالبوابة الشمالية بحلفا حين قدوم الوفود تباعا لداخل السودان من مصر..



فرح خليل فرح 1998م


خليل في الحركة الوطنية

كان خليل فرح عضواً بجمعية الاتحاد السوداني التي تكونت عام 1921م في بيت محي الدين جمال أبو سيف ، ومن أعضائها المؤسسين توفيق أحمد البكري وبشير عبد الرحمن . وكلهم طلاب كلية غردون عصرئذ . واتصل بها خليل . وكان هدف الجمعية وحدة وادي النيل . ثم صار من أعضائها مدثر البوشي والأمين على مدني وعبيد حاج الأمين وبابكر قباني وتوفيق صالح جبريل وغير هؤلاء .

" لم يقف أعضاء الجمعية والمعتنقون لمبادئها عند هذا الحد بل نزلوا إلى الشارع مع الشعب يرفعون شعار : شعب واحد ـ نيل واحد ـ دين واحد ـ وهو المبدأ والشعار الذي يدين به أعضاؤها إلى اليوم . وهو أيضاً الشعار الذي هزم به الاتحاديون الانجليز وهو في أوج جبروتهم ، ومعهم سدنتهم ، رغم السلطة والمال . ثم وبهذا الشعار نفسه احتلوا الآغلبية الساحقة من مقاعد أو برلمان سوداني " (14)

وكانت الاحتماعات تتم منتظمة في الخفاء ، خوف بطش السلطة الانكليزية ، وأن بطشها لشديد . وربنا أشار إلى هذا خليل حيث قال :

خبِّي كاسكْ لا ينُوبنا نابْ ****** أصلُه خشم المركزْ ذئَـــــــــــــــــــــابْ
نحنَّ من الليث في جَنَابْ ****** ما بِصَحْ تبريم الشَنَـــــــــــــــــــــــــابْ

والمعنى ظاهر ، أن الشرطة تتربص بشاربي الخمور ( أنظر الهوامش ) غير أن المعنى قد يشير إلى تربص الشرطة عموماً ، وأخذها الوطنيين بالشدة ، ولعل الاجتماع في دار ( فوز ) كان أساساً لمثل هذا الغرض السياسي ، واتخذ سمة الندوة أو الجمعية الأدبية " والقعدات " :

" وينفرد منا شخصان نعرف ما هدفهما ، إنهما محي الدين جمال وتوفيق صالح جبريل ، من دعامات تلك الجمعية السرية ( الاتحاد ) وقد دأبا أحياناً على اعداد منشورات يحضان فيها على كراهية الحكم القائم ، وكانا مع بعض أعضاء آخرين يقومان بإلصاق تلك المنشورات عند الغسق في أماكن عديدة بالمدينة " (15)

ومن بعد جمعية الاتحاد ظهرت جمعية اللواء الأبيض ، ويرى حسن نجيلة أن الجانب الثائر من أهل جمعية الاتحاد انضم للواء الأبيض ، بينما وقف الجناح الآخر موقف الصديق العاطف وان لم يشترك في حوادثها اشتراكاً عملياً . (16) وكان خليل داعية لما قامت ثورة 1924 لنحقيقه ولك أن تراجع قصائد مثل ( ماك غلطان ) و ( الشرف الباذخ ) وغير هاتين لترى ذلك واضحاً . اذن فقط كانت مشاركته أشعاره والحانه التي اذكت الشعور الوطني بما كانت تحض عليه من حب الوطن وضرورة تعليم المرأة الخ . ودوره كان أشبه شي بما قام به الفنان سيد درويش في الأغنية المصرية ، اذ على يديه تم تحريرها من حبسها التركي المهجن بتراث عصور الانحطاط الفكري ، حتى سطعت مصرية صميمة ، متناولة حياة أبناء الشعب البسطاء وقضاياهم :

بلادي بلادي بلادي ******** لك حبي وفـــــــــــــــؤادي

أو :
طلعتْ يا مَحْلا نُورهَا ******* شمسْ الشَمُوسَــــــــــــــــــهْ
يللاّ بنا نمِلاَ ونحْلِبْ ******** لـــــــــبن الجَامـــــــوسَـــه ْ

وكان سيد درويش يستلهم الحانه من مناضلي الحياة اليومية من العمال والصيادين وتطلع لتلحين الأوبرا ، وكتب الأوبريت ، وربنا تميز عنه خليل فرح بكتابة الشعر ، وبضوح الرؤيا السياسية وشمولها اذ كان يؤمن بوحدة وادي النيل كله ، فان كان أعلام ثوار 1924هم قادتها السياسيون والعسكريون ، فإن خليل فرح هو الوجه الثقافي لتلك الثورة .

خليل و جزيرة صاي
جزيرة غنية بالزروع والخضرة ، عرضها قريب من ميلين . يتوسطها تل جبلي عال . تحف الساحلين منها ـ الشرقي والغربي ـ النخيل . ايام طفولة خليل كانت تنتشر فيها السواقي . وبيت أسرة خليل من الشاطئ الشمالي للجزيرة جد قريب . وبالجزيرة كُوَمُ تراب ، متباينة الأحجام ، قال مترجم كتاب ( رحلات بوركهارت ) (3) .
" هذه المقابر الرملية لملوك البلاميس وأشرافهم ، وكانوا يحكمون أكثر النوبة العليا والسفلى ما بني القرنين الثالث والسادس الميلاديين ، وحضارتهم تالية للحضارات المروية " وعليها من الآثار حصن قريب مقامه من النيل ، شيد بالحجر والآجر وأسواره عالية ، وفيه مشابه من حصنين آخرين ، احدهما بأسوان والآخر في أبريم .

ولابد أن الشاعر قد شاهد هذا ، ولعله في تنقله مع أبيه قد رأى كثيراً من هذه المعالم ، فلو أنهما سافرا بمركب على النيل لبصرا بالكثبان الرملية في الغرب ، والجبال الممتدة على الشرق ، وربما أخذا بالخضرة التي تظهر حينا بعد حين ، أما الطريق البري فقد يكون شرق النيل أو غربه ، وليست في هذا وذاك سوى الرمال تمتد كأنها ليس لها آخر ، والتلال ، وقرى صغيرات يتناثرن هنا وهناك . وتقطع للمسافر حبله الطويل من الاملال والسآمة . وكل هذا لا يحلو من بعض سحر . وربما أنه احترز ي خياله شيئاً من هذا وذاك فأمده بقدرة على وصف الطبيعة أنظر :

يا صــــــــايدْ الانام المولـى عاطينَا
طبيعـــــــهْ غنيـه ْ في بَواطـــــــــِينَا
ما أخصبْ جـــــزايرنَا وشواطـــِينَا
وخيراتْ الجزيرهْ الدافقــهْ من طينَا

وهي من قصيدة أنشأها ـ كنا قيل (4) حيث ازمع البرنس اوف وليز زيارة السودان في رحلة صيد . ولعل فيها بعض ترحيب يسير " سافر يا أمير وأنزل أراضينا " ولكنه لا يخاف الأمير ولا يمهله فيهنأ بهذا الترحيب :

ما تهِمَك مدارســـنَا ونــــــوادينَا
أهلك أهملوا تأسيســـــهُ عامـدينَا
ساد الجهلْ وسادْ ت بُه عــوادِينَا
وعم الفقــر مــــدايِنَّا وبواديـــــِنا

ثم يركب الشاعر زورق الطبيعة في بلاده ، ويلجئ نفسه اليه ، ويفاخر ويعرض على الضيف شريطاً متصلا من المناظر .. كأنه يجمعها جمعاً ليبهره بها ، بل يخبره عن قومه وأرض قومه ونبتها وحيوانها :

واصل رحلتَك بين ( جبْرهْ ) و ( اُمْ بادِر )
واملأْ ناظريك في قدرةْ القــــــــــــــــــــادرْ
من تلك الجحافِل واردَه وصـــــــــــــــــادرِ
قطعانْ الأرايلْ افي الجمـــــــالْ نـــــــــــادر

يهي له هذا المسرح الفسيح ، وليملأ ناظريه الضيف من تلك الجحافل ، ويجمع قطعان الأرايل ـ بل أسراب الغزال ـ ومرحات الأبل :

أسرابْ الغزالْ ما بِحْصرا حسابَكْ
ومرحــــــاتْ الأبِلْ السيراَ متِشابِكْ

ويحشد له غابات الدندر ونبته ثم نمر الفروع ، والأسد الذي تتقى وثباته ، أهذا ترحيب أم إخافة ؟ ثم يعود يتمني للأمير عودة مظفرة غانمة لأهله ليحكي لهم ما قد أحس ورأى ؟

ويخاطب الشاعر عبد الله البنا اللورد اللنبي في القصيدة ، أسلوبه فيها جد مختلف . يطلب اليه في رفق ، حتى لا يغضبه ، بل يمدحه :

الا يا حامــــــــلَ الســــــيفين إنّا * * * نفوسٌ المعــــــالي طالبات
اذا ما قيلَ قــــد أوفى ( اللنْبي ) * * * تطاْمنَتِ الأمورُ الجامحاتُ
وأنت بمصرَ قد أصبحــت وداَ * * * تُدين به الرعيةُ والرعــــاةُ


أبطال الخليل
من الرومانسيين الموسيقيين ، أهل القرن التاسع عشر : ويبر مندلسون ، شوبان وفرانز ليست وشومان ثم فاجنر . رومانسية الموسيقى أـ ان أردت تعريفها ـ هي ـ بصفة عامة تقديم التعبير عن الخيال والعاطفة على ما عداه . والأعمال الرومانسية الموسيقية هي ما يكون منبع الالهام فيها الطبيعة والأدب والشخصيات التاريخية والأحدات الخ . ومن مأثور ما قال ( ستندال ) أن كل الفنون الفنون رومانسية في زمانها ، وعليه فان عصر الرومانسية يمكن أن يضرب في التاريخ البعيد إلى ما لا نهاية .

والرومانسية الموسيقية تستعير من الفنون الأخرى . فهذا فيلكس مندلسون يكتب معزفة من نوع الـ Overture (1 ـ أسماها ـ "حلم ليلة صيف " مستلهما ذلك من مسرحية شكسبير المعروفة . وذلك كان عام 1826 ثم أن كله غليوم الرابع ملك بروسيا بعد ذلك بسبعة عشر عاما ، بتأليف كل موسيقى المسرحية . وغير هذا ( هارى يانوس ) لزولطان كوداى المجري ... وفيها استوحى حياة بطل من بلاده كان يروى حكايات أكثرها من نسج الخيال ، عن الحروب النابليونية ..... وهذه وتلك من لون ما يسمى الموسيقي ذات البرانامج ، ومنها ما يفترض مؤلفها أنها تروى حكاية ، أو تصور عاطفة . (19) .

والبطل عند خليل فرح الطبيعة ، وهو أمدرمان التي صارت للوطن محل القلب والعقل والوجدان ، وانها الثورة ، ثم محمد أحمد المهدي . والبطل هو النيل ، ومثلما كان الموسيقيون الاوربيون ، أبان القرن التاسع عشر ، يبحثون عن ابراز الذات القومية وتأكيدها كان خليل فرح كذلك . اذ قد بدأ أولئك يتخلون عن العرف الموسيقي الجرماني ، فهذا شوبان يستغل ايقاع الرقص البولندي ، وفرانز ليست يحمل إلى باريس سمات الموسيقى الشعبية في وطنه هنغاريا . وكذلك فعل البوهيميان سمتانا ودفورجال . وبحث خليل فرح عن الذات القومية أورده اللحن الشعبي والمدائح وأورده وادي النيل كله ، ما فيه ومن فيه .. وصفاتهم التي هي ليست بأقل من الشرف الباذخ .. وينادي فيما يشبه رثاء لا يخلو من تفاخر :

أشرحْ طــــــــــــــانْ واروىِ العطشـــــــــانْ حاكى الغمـــــــــــامْ
يا السُلطــــــــــــانْ عاذلك ْسطـــــــــــــان نوح يا حمـــــــــــام

أو هو الذي يخاطبه يقول :

من جنان رِضوانْ أصلك *** لذا كِل ربيعْ فصلَكْ
إتنفسْ فوح تتنفسْ ناس *** ورياضْ وبحــــــارْ

وقد تكون أمدرمان خلاصته ..... هذه المدينة التي سلبت خليلا لهجته المحلية وسلَمته وجدانا قومياً شاعرا .. يحبها :

ويح قلبِي المانَفك خافقْ ***** فارَقْ أمدرمانْ باكي شاهقْ
يا ام قبايِلْ ما فيكْ منافقْ ***** سقى أرضِكْ صَوبْ الغمامْ

يخاطبها : ـ
بطرى الأسسوكِ زمان ***** كانوا نْحافْ جُسوم ما سْمانْ
كانوا يَحلْحِلُوا الغرمانْ ***** يساهروا يتفقَدوا الصرمـــانْ

أولئك رجال وإن كانت جسومهم نحيفة إلا أن موازينهم ثقيلة ..رجال " تقال ومكان " .. هم ود نوباوي وأبو عنجة وغير هذين . أمامك الآن هذه النوستالجيا الأمدرمانية ، فهل كانت أمدرمان تمثل ثورة الأمام المهدي ، وثورة 1924 جميعاً ؟

وبطله الطبيعة ، بل هي قد صارت له حزبا .. يدعو له " يللا ننظر ، قوموا وشوفوا " ... وقد يضيق المكان بالمدن حينا بعد حين .. ففيها الضيق والكبت ، والكلب الخائن .. أهو قد كان في مسوح زملاء الكفاح ، وفي الحقيقة من صياغة السلطان قد كان ؟

وربما كان اطلاعه على شعر الطبيعة الأندلسي ما أغراه بهذا العشق المتأمل .
عقد الأستاذ المبارك ابراهيم (20) مقارنة عابرة بين موشح أندلسي لسهل بن مالك منه :
كحلُ الدجى يجري ***** من مقلةِ الفجرِ
على الصباحْ
ومعصمُ النهــــــرِ ****** في حُللِ خُضْرِ
علي البطــاحْ

وبين قصيدة خليل ( في الضواحي ) مشيرأ إلى ظهور الشعر السوداني يتغنى بجمال الطبيعة ..

والواقع أننا ـ اذا نظرنا للموشح ـ ودنا أن سهل بن مالك قد صير للدجى كحلا وللفجر مقلة ، وجعل الكحل من المقلة يجري على الصباح هذا الكبير العام اللاّ محدود .
ثم جاء واصطنع للنهر معصماً وحللا خضراء على البطاح تلك الشاسعة الفسيحة . بينما أخذ خليل النسيم الكبير ، والازهار كلها ، ثم العصافير ، واتخذها لتميل البرود ، وتورد الخدود والعصافير تغرد على عودها ، جعل الكبير في الصغير ، ما ليس يحصر فيما هو محصور أنظر :

مــالْ نسيم الليَل بي برودكِ
نامتْ الازهارْ فوق خدودكِ
غرَّد العُصفورْ فوقَ عُودكِ

نسم الليل وهو ما ليس له حد ، أمال برودها ، وخدودها خلاصة الأزهار ، والعصفور ههنا جنس العصافير : صنوف وأصوات وألوان . وهذا الحبيبة ؟ ما ومن هي ؟ ألا يجل هذا عن صفة البشر ؟ أم عن الوطن يتحدث الشاعر ؟

وبطل الخليل : فؤاد الخطيب الذي كان أستاذ الأدب العربي في كلية غردون أول نشأتها ، سوري المولد ، يغادر السودان يريد أهله ، يظن أن وطنه تحرر كما قد وعد الحلفاء ، ولكنه ـ وفي الحجاز ـ قبل أن يبلغ وطنه سوريا يحتلها الفرنسيون فخاب أمله وعاد إلى السودان ، وهو من خاطبه خليل :

أهلا فؤاد وسهلا قبل معتبة ***** ومرحبا بك وقّاك الردى واق

هذا بطل ، والنبي محمد ( صلعم ) بطل الأبطال ، ومولده مناسبة عند خليل فرح تختلف فيما توحي به عند شعراء المولد التقليديين فإن كانت نونية عبد الله البنا :

يا ذا الهلال عن الدنيا أو الدين ***** حَّدث فان حديثا منك يشفيني

في مجملها تباك على ماضي العرب ، ووصف لما صارت عليه الحال ، عصر انشائها ، من ( تفرق وتوان واتباع هوى ) . أو الصورة العامة ـ ما ألفت ـ مما صحب مولد النبي من معجزات مثل خمود نار المجوس ، وإنشقاق إيوان كسرى ، فلخليل رأي آخر في صورة أخرى ، فدعوة محمد هي ( صرخة في الشرق من فرد أغر ) . لاحظ " صرخة " و " فرد " . هو اذن قد بدأ وحيداً متفرداً ، بدعوته " لبسنا نسج القمر " وصار " لا فرق بين العبد والحر الأغر " . " نفته الأهل " هذا الثابت على المبدأ ، قوي العزيمة ، سيف الحق :

ثابت المبدأ والجأشِ رأي الـ سيرَ مقروناً بنُجْحٍ فاستمرْ
كم تصدتْ دونَه شُم جبـــــــا لٍوتَغَشَى جيشَه ريحٌ وصرْ
ونفته الأهلُ وانضمت عـــلى بُغضِه تحت لواءٍ مكْفهــــرْ

هذا المتفرد المؤمن الشجاع ، لا مكان ههنا لصفات خَلْقِية ، كدأب شعراء المديح النبوي ، لا طول ولا قصر ، لا صفة وجه ولا أصابع لا خدود ، ولا شعر ، بل تركيز شديد على الفرد ودعوته ، هذه هي المعجزة : الفرد الذي صار الأغلبية .. وصار سواد أمته .... هو بشر والمعجزة ما أنجز بدعوته التي هي " دعوة الحق ملاذ وخفر " .

مرض خليل فرح


في سجل خدمة خليل فرح تقارير طبية أولها يوضح أنه كان أصيب بالدوسنطاريا ، وتاريخه 19 يوليو 1924 . وقضى الطبيب بمنحه إجازة مقدارها عشرة أيام . ثم بدأت علته بنزلة شعبية أوائل أبريل 1929 . وأنزله أطباؤه مستشفى الخرطوم الملكي في العام نفسه , وترسل ادارة مصلحة البوستة والتلغراف السجل الطبي لخليل أفندى فرح ورقمه 4908 . وتتعدد الرسائل بين ادارة المستشفى ومصلحة البوستة والتلغراف . هذه تسأل عن الموعد الذي يغادر فيه خليل المستشفى . وتلك ترد أنه ليس بالمستطاع تحديد يوم بعينه ولكن مكوثه بالمستشفى لن يقل عن ستة أشهر . وفي خطاب تاريخه 25 يوليو 1929 يعين مدير المستشفى علة خليل وأنه مصاب بالسل الرئوي . ويمنح أجازة شهر حسبما قضت به اللجنة الطبية . ويعود للمستشفى خليل في 29 أغسطس 1929 لينظر الأطباء في أمر علته . ويبقى شهر سبتمبر 1929 وأكتوبر وترسل مصلحة البوستة والتلغراف تسأل عن موعد خروجه من المستشفى الذي يرد مديره في 29 أكتوبر 1929 يعتذر عن التأخير ويقول أن خليلا سيمكث هناك لحين استكمال الفحوصات الطبية ، بيد أن رئتيه سليمتان ، وصحته تحسنت ، وزاد وزنه ، ولكن بقاءه شهراً آخر يفيد خاصة أنه انتكس وعاوده الداء من قبل . ومبلغ علمنا نه بقى نزيل المستشفى حتى يوم 26 نوفمبر 1929 على أقل تقدير . اذ ذلك كان تاريخ خطاب من مصلحة البوستة والتلغراف للمستشفى وفيه تسأل : متى يغادر خليل المستشفى ؟

اذن فقد امضى خليل زماناً في المستشفى ، واحصينا الإجازات المرضية التي منحت له ، بأقل من مرتب كامل ، والمسجلة بملف خدمته فوجدنا أنها تبلغ مائة وثلاثين يوماً . هذا غير ما كان قد منح له من إجازات علاج بمرتب كامل ، وما كان أمضاه بمصر طلباً للشفاء . حتى مات نزيل مستشفى النهر بالخرطوم يوم 30 يونيو 1932.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى